وسط ظلمة الليل، وقبل آذان صلاة الفجر، دوى صوت انهيار مفاجئ في حي الحسني بن دباب بفاس. عمارة سكنية مكونة من ستة طوابق سقطت ككومة أحجار فوق أجساد نائمة، مخلفة مشهدا مأساويا أعاد إلى الأذهان فواجع قديمة لم تندمل بعد.
عند الساعة الواحدة والربع صباحا، كانت فاس على موعد مع الألم. تحت الركام، صرخات مستغيثين، وصمت موتى لم يتح لهم وداع. تسعة أشخاص فقدوا حياتهم، حسب حصيلة مؤقتة أعلنتها وزارة الصحة، من بينهم ثمانية فارقوا الحياة بمستشفى الغساني، بينما لفظ تاسع أنفاسه الأخيرة في مستشفى ابن الخطيب.
الناجون، وعددهم سبعة، ليسوا جميعا كبارا قادرين على التحمل، بل بينهم ثلاثة أطفال أصيبوا بجروح متفاوتة، إلى جانب أربعة بالغين آخرين يخضعون للعلاج.
فرق الإنقاذ لم تتوقف لحظة، وكل دقيقة تمر قد تحمل خبرا سعيدا أو تؤكد مأساة جديدة. الحي بأكمله بات في حالة ذهول، والسكان يتحدثون عن “خيانة الأسمنت”،.. وعن تشققات ظلت تتوسع على مدار أسابيع، دون أي تدخل يذكر.
مصدر رسمي صرح أن التحقيقات لا تزال جارية، ولم تحدد بعد أسباب الانهيار. لكن الواقعة كشفت من جديد هشاشة البنيات التحتية ببعض أحياء المدينة،.. ومعاناة الأسر التي تسكن العمارات المتقادمة دون ضمانات للسلامة.