يواجه مجلس عمالة الدار البيضاء عاصفة من الانتقادات بسبب الجدل الدائر حول استغلال سيارات المصلحة، حيث لم تفلح مراسلات إدارية بين مسؤولي مقاطعة الحي الحسني وقسم الشؤون الداخلية في استرجاع سيارة “رونو كليو” من عبد القادر بودراع، رئيس مجلس العمالة الحالي، والتي حصل عليها خلال فترة انتدابه كنائب لرئيس المقاطعة. ورغم أن ولايته في هذا المنصب قد انتهت، إلا أنه لا يزال يحتفظ بها رغم تخصيص سيارات أخرى فاخرة له بعد انتخابه رئيسا للمجلس خلفا لسعيد الناصري، المتابع قضائيا في ملف “إسكوبار الصحراء”، وفقا لـ “هسبريس”.
ذات المصدر كشف أن تقريرا رسميا أنجز من طرف قسم الشؤون الداخلية بعمالة مقاطعة الحي الحسني وتم رفعه إلى المصالح المركزية بوزارة الداخلية، متضمنا تفاصيل استغلال سيارة المصلحة بشكل غير قانوني من قبل بودراع، رغم أن النائب السادس المنتخب حديثا بالمجلس يعد الأحق بالحصول عليها وفقا للمساطر الإدارية الجاري بها العمل.
كما أشار التقرير إلى وجود اختلالات في تدبير سيارات المصلحة داخل المقاطعة، حيث تم استغلال سيارات إضافية من قبل رئيسي لجنتين بالمجلس رغم أن القانون ينص على تخصيص هذه السيارات فقط للرئيس ونوابه. بالإضافة إلى ذلك، لم يقم المجلس الحالي بأي خطوة فعلية لاسترجاع السيارات المستغلة خارج الضوابط القانونية، مما زاد من تعقيد الوضع وأحرج الإدارة الترابية بالمنطقة.
صراع سياسي حول تدبير سيارات الجماعة
يأتي هذا الجدل في سياق توتر متصاعد بين الأغلبية والمعارضة داخل المجلس، حيث سبق أن أثيرت شبهات حول صفقات كراء السيارات وتوزيعها لأغراض سياسية وانتخابية. ورغم توفر بعض الأعضاء على أوامر مهام دائمة تخول لهم استخدام السيارات التابعة للمقاطعة طيلة أيام الأسبوع، إلا أن عددا منهم فضل عدم الاستفادة منها، في خطوة رأى فيها البعض انتقادا مبطنا لطريقة تدبير هذه الوسائل اللوجستية.
وفي هذا الصدد، أكد عبد القادر بودراع، في تصريح سابق،.. أن السيارة المتنازع حولها مركونة أمام منزله منذ استلامها،.. مشيرا إلى أنه مستعد لتسليمها في إطار مساطر إدارية واضحة. كما دافع عن نفسه بالقول إن تدبير الشأن العام لا ينبغي أن يختزل في مسألة سيارات المصلحة، مؤكدا أنه كان ضد الاستفادة منها منذ البداية.
تعليمات صارمة من وزارة الداخلية بخصوص استغلال سيارات المصلحة
على إثر هذه المعطيات، أفادت مصادر مطلعة أن مسؤولي عمالة مقاطعة الحي الحسني تلقوا تعليمات من المصالح المركزية بوزارة الداخلية بضرورة تشديد الرقابة على استغلال سيارات المصلحة والتأكد من استخدامها للأغراض الإدارية فقط.
كما جاء في دورية لوزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، موجهة إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والمقاطعات،.. ضرورة التحكم في نفقات الوقود والتأكد من أن سيارات المصلحة لا تستخدم لأغراض شخصية أو خارج أوقات العمل الرسمية.
كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2023-2024 أن الجماعات الترابية تمتلك أسطولا ضخما من السيارات والمركبات بلغ 48,485 وحدة، بزيادة 46% مقارنة بعام 2016، حيث ارتفع العدد من 24,545 وحدة إلى أكثر من 36,000 وحدة خلال السنوات الأخيرة.
لكن المجلس شدد على أن تدبير هذا الأسطول يعاني من غياب إطار قانوني واضح،.. على عكس القطاعات الوزارية التي تعتمد على منظومة قانونية متكاملة في هذا المجال،.. مما أدى إلى استغلال غير رشيد لهذه الوسائل اللوجستية دون مراعاة معايير الفعالية والاقتصاد في التكاليف.
يبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كانت وزارة الداخلية ستتخذ خطوات حازمة لضبط استغلال سيارات المصلحة داخل الجماعات الترابية، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة من الرأي العام بخصوص هدر المال العام واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية. فهل نشهد قريبا إصلاحات جذرية أم أن الوضع سيظل على حاله مع استمرار هذه التجاوزات؟