في لحظة سيادية فريدة، اختار المغرب أن يعلي صوت الحكمة على صدى العادة، معلنا تنظيم عيد الأضحى هذا العام بشكل استثنائي، بتوجيه ملكي يقضي بعدم ذبح الأضاحي، وتوجيه الموارد نحو الأولويات الاجتماعية والاقتصادية. قرار إنساني بامتياز، لكنه لم يمر دون رجات في الجوار الأوروبي.
ففي الضفة الشمالية للمتوسط،.. حيث تعتمد قطاعات تربية الماشية الإسبانية على السوق المغربي كموسم ذهبي لتصريف الأضاحي، دوى القرار كجرس إنذار اقتصادي. ووسط ما وصفه مربو الماشية بـ”أزمة تصدير”، تنفست إسبانيا الصعداء – ولو مؤقتا – بعد أن فتحت الجزائر أبوابها أمام الأغنام الحية، في اتفاق محدود زمنا ومقيد بشروط عمرية صارمة بين 6 و24 شهرا.
الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ يوم الإثنين 21 أبريل،.. جاء أشبه بـ”حقنة إسعاف”، لا بخطة إنعاش. فمنظمات المزارعين الإسبان،.. وعلى رأسها النقابات الزراعية الكبرى، رحبت بهذا المخرج المؤقت، لكنها تدرك تماما أن الجزائر ليست المغرب،.. لا من حيث حجم السوق، ولا انتظام الطلب، ولا البنية الاستهلاكية.
وفي تصريحات عكست هذا القلق،.. قال أحد مسؤولي المنسقية العامة لمربي الماشية في إسبانيا: “نحن مضطرون للبحث عن بدائل لأن السوق المحلي لا يدعمنا بما يكفي”،.. تصريح يكشف بين السطور أن البوصلة لا تزال موجهة جنوبًا نحو الرباط، حيث يُتخذ القرار بهدوء ويُنفذ بسيادة.
ومع أن الجزائر استحوذت في 2024 على 11% فقط من صادرات لحوم الأغنام الإسبانية،.. فإن الأرقام تتحدث بوضوح: المغرب يظل الزبون المفضل، والرهان الحقيقي، بحكم الاستقرار، والطلب الواسع، والعلاقات التجارية الممتدة.