في عمق الأرض، حيث تصمت السطوح وتتكلم الصخور، ينبض قلب الاقتصاد المغربي بايقاع خام لا يسمعه إلا من أصغى جيدا لوشوشات المعادن. فبين جبال الأطلس وسهول الشاوية،.. يمتد شريان اقتصادي استراتيجي يعيد رسم ملامح المغرب في الخريطة الجيولوجية للقارة. تقرير حديث لمنصة “الطاقة” المتخصصة، حمل بصمة الاعتراف بهذه القوة الصاعدة،.. من خلال تسليط الضوء على خمس مناجم كبرى، تمثل العمود الفقري لمنظومة التعدين بالمملكة.
منجم خريبكة ليس مجرد موقع لاستخراج الفوسفات، بل هو ذاكرة وطنية حية. هنا، بدأ كل شيء عام 1921، حينما انطلقت أولى شحنات الذهب الأبيض نحو الخارج. واليوم، لا يزال هذا المنجم يزود المكتب الشريف للفوسفاط بـ70% من إنتاجه،.. مما يجعله ليس فقط الأكبر في المغرب،.. بل أيضا شاهدا على تحول الفوسفات من مورد خام إلى استراتيجية جيواقتصادية عابرة للقارات
بعيدا عن الأضواء، يختبى منجم الكنتور، أو لنقل يتخفى خلف تقنيات “التعويم العكسي” الحديثة، التي حولت الفوسفات منخفض الجودة إلى سلعة منافسة في الأسواق العالمية. موقعي ابن جرير واليوسفية، اللذان يشكلان نواته، يضمان أكثر من ثلث الاحتياطي الوطني، ويعكسان كيف يمكن للابتكار أن يعيد تعريف حدود القيمة المضافة.
بوعازر… الكوبالت النقي في زمن البطاريات
في لحظة تاريخية تحولت فيها الطاقة من النفط إلى الليثيوم والكوبالت، وجد منجم بوعازر نفسه في قلب التحولات الكبرى. فهو ليس فقط مزودا لشركات عملاقة مثل “بي إم دبليو”، بل هو أيضا نقطة التقاء بين أسئلة التنمية وجدلية البيئة، خاصة بعد الجدل الذي أثير حول تلوث المياه بالزرنيخ، والذي دفع الشركة المستغلة “مناجم” إلى الدفاع عن معاييرها البيئية.
إميضر… فضة نقية من عمق تنغير
هناك، في أقصى الجنوب الشرقي، يعانق منجم إميضر سماء تنغير بلمعان فضته النقية،.. التي تصل نسبتها إلى 99.5%. من بين أكبر مناجم إفريقيا، ينتج ما يصل إلى 240 طنا سنويا، لكن الأهم أنه يمثل قصة شراكة مع الساكنة المحلية في خلق فرص العمل ودعم البنية التحتية، لا سيما بعد توسعات التسعينيات.