كشفت جلسات لجنة تصفية الاستعمار بالأمم المتحدة، المعروفة بـ”لجنة 24″، عن حجم التوتر القائم بين المغرب والجزائر بشأن ملف الصحراء المغربية، حيث حملت الدبلوماسية المغربية، مجددا، الجزائر مسؤولية تعطيل جهود الأمم المتحدة في الوصول إلى حل سياسي توافقي.
وخلال مداخلتها أمام اللجنة الأممية في نيويورك، عبرت ماجدة موتشو، نائبة المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عن قلق المغرب من ما وصفته بـ”تعنت الجزائر وتوظيفها السياسي” لقضية الصحراء، معتبرة أن المسار الذي ترعاه الأمم المتحدة بات “رهينة لمواقف متحجرة” تعرقل الاستقرار الإقليمي.
وقالت المسؤولة المغربية إن غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن، توصلت إلى قناعة مفادها أن الجزائر أصبحت العائق الرئيسي أمام أي حل واقعي، بل تتعمد عرقلة المبادرات الجادة عبر دعم أطروحات انفصالية بوسائل مالية ودبلوماسية ضخمة، في حين تلتزم الصمت حيال قضايا أخرى مدرجة على أجندة اللجنة.
وأضافت أن هذا السلوك الانتقائي يؤكد نية الجزائر في توجيه الجهود الأممية لخدمة أجندة إقليمية هدفها زعزعة الاستقرار، وليس الدفاع عن الحقوق أو القيم الأممية كما تدعي.
مبادرة الحكم الذاتي… دعم دولي متزايد
المسؤولة المغربية استعرضت أيضا ما وصفته بـ”الدينامية الإيجابية” التي يعرفها ملف الصحراء على المستوى الدولي، مبرزة أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدمت للأمم المتحدة عام 2007، أصبحت تحظى بدعم أكثر من 118 دولة من مختلف القارات، بما فيها القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة، فرنسا، والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى المستعمر السابق للمنطقة.
وأشارت موتشو إلى أن هذه المبادرة لا تجسد فقط بديلا واقعيا عن الجمود السياسي، بل تنسجم تماما مع قرارات مجلس الأمن، وتعكس فهما جديدا لمفهوم تقرير المصير، الذي لم يعد يعني بالضرورة الانفصال، بل قد يتحقق في إطار حكم ذاتي موسع داخل دولة ذات سيادة، كما تنص على ذلك القرارات 1514 و1541 للأمم المتحدة.
الدبلوماسية المغربية لم تفوت الفرصة للتأكيد على الانخراط الواسع لساكنة الصحراء في الحياة السياسية والاقتصادية، من خلال مشاركتهم المكثفة في الانتخابات، وانخراطهم في برامج التنمية الجهوية، وهو ما اعتبرته دليلا دامغا على رفضهم للأطروحات الانفصالية، وتشبثهم بالوحدة الوطنية.
واختتمت موتشو مداخلتها بدعوة لجنة 24 إلى تجاوز الطرح التقليدي لملف الصحراء، والنظر إليه بعيون الواقع السياسي والقانوني الراهن، بدل الاستمرار في تأطيره ضمن “مفهوم متجاوز لتصفية الاستعمار”. وطالبت اللجنة بأن تحذو حذو مجلس الأمن في دعم مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وقابل للتطبيق، يحترم سيادة المغرب ويوفر حلا دائما للنزاع.