الأكثر مشاهدة

مدارس تتحول إلى شركات.. والقانون يدخل لإعادة الأمور إلى نصابها

بعد سنوات من الشكاوى المتكررة من الأسر ومعاناة أولياء التلاميذ مع فوضى الأسعار والممارسات العشوائية ببعض مؤسسات التعليم الخصوصي، جاء الرد أخيرا من داخل أروقة الحكومة: مشروع قانون جديد يحمل عنوان “التقنين والمساءلة”، ويضع خريطة طريق صارمة للقطاع الخاص في التعليم، بعد أن تحول في نظر كثيرين من مكمل للمدرسة العمومية إلى عبء اقتصادي واجتماعي.

كل دخول مدرسي جديد كان يحمل معه ذات السيناريوهات: رسوم تسجيل غير مفهومة، تأمين إجباري بمبالغ مشكوك في مشروعيتها،.. ومقررات دراسية “حصرية” لا تباع إلا داخل المؤسسة. فوضى كان ثمنها يؤدى من جيوب الأسر، وغضبها يملأ مواقع التواصل كل شتنبر.

مشروع قانون “يصعق” التعليم الخصوصي

لكن مشروع القانون الجديد رقم 59.21، الذي صادقت عليه الحكومة يوم الخميس، يبدو مصمما لتغيير المعادلة. وقد كشف النص،.. الذي قدمه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، عن نية حازمة في ضبط ممارسات المدارس الخاصة وفرض رؤية إصلاحية تنسجم مع فلسفة الإنصاف وتكافؤ الفرص.

- Ad -

المشروع لم يكتف بالنوايا، بل جاء بمقاربة ردعية واضحة:

من يفتح مؤسسة تعليمية بدون ترخيص؟
 غرامة تصل إلى 50 ألف درهم

من يغير موقع المدرسة، أو يفرض كتبا غير مصادق عليها؟
غرامات مالية وعقوبات إدارية.

من يحرم التلميذ من التسجيل أو الامتحان أو شهادة المغادرة؟
 غرامات تصل إلى 100 ألف درهم في حالة العود.

الأمر نفسه ينطبق على مدراء المؤسسات الذين لا يمارسون مهامهم فعليا أو يعينون بطريقة غير قانونية،.. أو أولئك الذين يوظفون أساتذة بدون مؤهلات تربوية… المسؤولية لم تعد رمزية، بل أصبحت محكومة بالعقوبات.

وراء هذا القانون تقف فلسفة إصلاحية واضحة المعالم، تنهل من توجيهات الملك محمد السادس، ومن مضامين القانون الإطار 51.17،.. ومن رؤية 2030 للتربية والتعليم. المدرسة التي يحلم بها المشروع ليست مدرسة للجدران والسبورات فقط،.. بل فضاء منفتح، عادل، ومنتج للرأسمال البشري.

وتسعى الحكومة من خلال هذه التعديلات إلى رسم حدود واضحة لما يمكن للمؤسسات التعليمية الخاصة القيام به، وما لا يجب التساهل معه. إنها محاولة لتصحيح مسار قطاع تحوّل في بعض الحالات من أداة للتعليم إلى سوق لتكديس الأرباح على حساب الأسر وجودة التعلم.

مقالات ذات صلة