يواصل المغرب تعزيز مكانته كفاعل رئيسي في صناعة السيارات العالمية، ساعيا لمواجهة تحديات المنافسة العالمية وتوسيع حصته في الأسواق الدولية، سواء في مجال السيارات الكهربائية أو المركبات التقليدية الحديثة.
وتعد صناعة السيارات اليوم ركيزة استراتيجية في مسار التنويع الاقتصادي للمملكة، حيث تتزايد الاستثمارات، وتتوسع فرص التشغيل، وتحقق الصادرات أرقامًا قياسية، ما يعكس حيوية القطاع ونجاح السياسات الوطنية في دعمه.
وفي مؤتمر نظمته مؤسسة لفقي التتواني، أكد رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، أن المغرب يستهدف إنتاج 1,4 مليون سيارة سنويا، مع توجيه الجزء الأكبر للتصدير إلى أكثر من 90 دولة، مع التركيز على رفع معدل التكامل المحلي لتعزيز السيادة الصناعية.
ويشهد السوق العالمي تحولات عميقة مع توجه دول عدة نحو المركبات الخضراء، ما يفرض على المصانع المغربية إعادة هيكلة طرق الإنتاج وسلاسل التوريد. في هذا الإطار، وسع مصنعو السيارات في المغرب، مثل رونو وستيلانتيس، إنتاجهم ليشمل السيارات الكهربائية والهجينة، مع تطوير محركات متقدمة تضمن السلامة، الراحة، واحترام البيئة.
ويمتد التغيير إلى سلسلة القيمة بالكامل؛ فالموردون والمزودون والشركات الفرعية تتكيف مع المتطلبات الجديدة، بينما تظهر جيل جديد من المصنعين المختصين في البطاريات الكهربائية والمواد الخاصة بالمركبات الحديثة. ومن بين الاستثمارات الضخمة، أسس مجموعة CNGR Advanced Material الصينية فرعا لها في جرف الأصفر بشراكة مع مجموعة المغرب للمشاريع بقيمة 2 مليار دولار، فيما يخطط Gotion لإطلاق مصنع للبطاريات الكهربائية في القنيطرة 2026، بقيمة بين 10 و15 مليار دولار.
لكن الطموح المغربي لا يقتصر على السيارات الكهربائية فحسب؛ إذ يسعى أيضا لتقوية إنتاج مكونات المحركات (مثل المكابس والمولدات والمبددات)، ما يعد خطوة أساسية لتعزيز التكامل المحلي ورفع مستوى السيادة الصناعية للمملكة.
المغرب اليوم على أعتاب تحول جذري في صناعة السيارات، تجمع بين الابتكار التكنولوجي، الاستثمار الضخم، والتنمية البشرية، ليخطو خطوات واسعة نحو المنافسة على الساحة الدولية في عالم يتجه بلا رجعة نحو الطاقة النظيفة والمركبات الذكية.


