في رد حاسم على الخطاب التصعيدي الذي يتبناه حزب “فوكس” اليميني المتطرف، أكدت الحكومة الإسبانية أن العلاقات مع المغرب تمر بأحد أفضل فتراتها في التاريخ، مشددة على أن ما يربط مدريد بالرباط اليوم هو تعاون استراتيجي متين يتجاوز الخلافات الظرفية.
فخلال جلسة لجنة الأمن القومي المشتركة في البرلمان الإسباني، أوضح دييغو روبيو، مدير ديوان رئاسة الحكومة، أن العلاقة بين البلدين قائمة على التفاهم والعمل المشترك في ملفات حيوية، مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية ومحاربة شبكات التهريب والاتجار بالبشر، مؤكدا أن “الخلافات الموجودة لا ترقى إلى مستوى النزاعات، وتشبه تلك التي تقع بين إسبانيا ودول أوروبية مجاورة مثل فرنسا أو البرتغال”.
تصريحات روبيو جاءت ردا على سؤال وجهه نائب حزب “فوكس”، إغناسيو خيل لازارو، الذي حاول اتهام المغرب بـ”زعزعة استقرار إسبانيا” من خلال ملفات الهجرة وتحديث الجيش المغربي. لكن المسؤول الإسباني رد بقوة، واصفا تلك المزاعم بأنها “مجرد أوهام قائمة على نظريات المؤامرة وهوس بالخصومة لا أساس له من الواقع”.
وأكد روبيو أن المغرب بالنسبة لإسبانيا ليس تهديدا، بل جارا وصديقا وشريكا استراتيجيا، مذكرا بأن البلدين ينسقان بشكل وثيق في العديد من القضايا الحساسة، خاصة في مجالات الهجرة الدائرية، ومراقبة الحدود، والتعاون الأمني والعسكري، فضلا عن العلاقات التجارية التي بلغت قيمتها نحو 20 مليار دولار سنويا.
ويأتي هذا الموقف الرسمي الإسباني ليعكس التحول الكبير في العلاقات الثنائية منذ إعلان مدريد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل واقعي لقضية الصحراء، وهو الموقف الذي فتح الباب أمام مرحلة جديدة من الثقة المتبادلة والتقارب السياسي والاقتصادي بين البلدين.
ورغم استمرار محاولات حزب “فوكس” لاستغلال ورقة “التهديد المغربي” لأغراض انتخابية، إلا أن الخطاب الرسمي الإسباني يبدو حاسما: الرباط لم تعد خصما في جنوب المتوسط، بل ركيزة أساسية في أمن واستقرار أوروبا وشمال إفريقيا.


