الأكثر مشاهدة

“65 ألف طلاق” في المغرب عام 2024.. لماذا أصبحت النساء أكثر المطالبات بالانفصال؟

أكدت أرقام رسمية حديثة من المندوبية السامية للتخطيط (HCP) عن تسجيل المغرب لأكثر من 65 ألف حالة طلاق خلال عام 2024، وهي حصيلة أثارت قلقا عميقا وأكدت تحولا جذريا في ديناميكيات الأسرة المغربية، وفق ما جاء في التقرير السنوي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

اللافت في هذه الأرقام هو أن المرأة أصبحت تمثل ما يقارب نصف طلبات الطلاق المرفوعة أمام المحاكم في عام 2024، ما يعكس وعيا متزايدا بالحقوق وتغيرا في الأدوار الاجتماعية.

أسباب الانفصال: من العنف إلى غياب التواصل

في تصريح إعلامي، وصفت الأستاذة مريم برادة، المحامية بهيئة الدار البيضاء، هذه الأرقام بـ “الإنذار” الذي يستدعي وقفة تحليلية. وتؤكد الأستاذة برادة أن الأسباب المتكررة للانفصال تتلخص في أربع نقاط رئيسية: التقصير في النفقة، العنف الزوجي، انعدام التواصل، وعدم الرضا الجنسي.

- Ad -

وتفسر المحامية هذا الارتفاع بأن المجتمع المغربي يعيش تحولا جذريا، حيث أصبحت المرأة تعرف حقوقها بشكل أفضل بفضل تطور وسائل الإعلام وسهولة الوصول إلى المعلومة. وتقول: “النساء أصبحن يدركن أن الجهل بحقوقهن يؤدي إلى الظلم، وهذا الوعي دفعهن لطلب الانفصال بدل القبول بالوضع القائم.”

رغم أن الأستاذة برادة تؤكد أن الزيادة في حالات الطلاق بدأت قبل الإعلان عن مراجعة مدونة الأسرة، إلا أنها لم تستبعد أن يكون الحديث عن الإصلاح قد “أحيا الأمل” في نفوس بعض الأزواج للتعجيل بإنهاء إجراءات طلاقهم، تحسبا لقرارات مستقبلية قد تكون أكثر ملاءمة للزوجات.

وفي سياق متصل، أعربت الأستاذة برادة عن أسفها لتنامي الظاهرة، مؤكدة أن “أفضل بيئة للطفل تظل هي البيت المستقر الذي يسهر فيه والدان على أمنه الجسدي والنفسي”. وعلى الرغم من تزايد حالات الطلاق بالتراضي (والتي بلغت 97% وفق إحصاءات CSPJ لعام 2024)، إلا أن المحامية حذرت من أن “العدالة يتم استغلالها أحيانا، ويصبح الأطفال ضحايا لتصفية حسابات شخصية بين الكبار”.

صراع الهوية: بين التقاليد والمعايير العالمية

تختتم الأستاذة مريم برادة تحليلها بتشخيص عميق للوضع، معتبرة أن ارتفاع معدلات الطلاق هو عرض لـ “توتر بين التقليد والحداثة”.

فالمغرب، حسب قولها، هو بلد يقف “بين ثقافتين”، يطمح للمعايير الدولية ويظل في الوقت ذاته متمسكا بعمق بتقاليده. هذه الازدواجية تولد ارتباكا في القوانين والعقليات والسلوكيات: “نساؤنا يعملن ويتحررن، لكن أزواجهن لا يتقبلون هذا التطور دائما. كيف يمكن التوفيق بين هذين النقيضين؟” وتخلص إلى أن عدد حالات الطلاق هو مؤشر على ضائقة اجتماعية أوسع، لبلد يبحث عن توازنه بين التحرر والإرث الثقافي.

مقالات ذات صلة