أثار الموقف الجزائري خلال جلسة التصويت الأخيرة في مجلس الأمن الدولي حول قضية الصحراء المغربية تساؤلات حادة في الإعلام الإيراني، بعدما اختارت الجزائر الانسحاب من العملية التصويتية دون تأييد أو رفض أو حتى امتناع رسمي، في خطوة قرأها البعض كتحول غير معلن في موقفها من القضية.
في قصاصة لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، التي تعكس عادة التوجه الرسمي لطهران، طرحت مجموعة من التساؤلات المبطنة حول ما إذا كانت الجزائر قد قبلت فعلا بمغربية الصحراء، أم أنها رضخت لضغوط أمريكية مباشرة خلال المفاوضات التي سبقت جلسة التصويت.
الوكالة الإيرانية لم تخف دهشتها من الموقف الجزائري، مشيرة إلى أن الجزائر لم تطلب من حليفتها الإستراتيجية روسيا استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار الأمريكي الداعم لخطة الحكم الذاتي المغربية. هذا الموقف، بحسب “إرنا”، قد يكون ناتجا عن حسابات دقيقة تتعلق بـ مصالح اقتصادية أو ضغوط دبلوماسية مورست على الجزائر في الكواليس.
وفي قراءتها للنتائج، ذكرت الوكالة بأن روسيا رغم انتقادها القرار واعتباره “غير متوازن”، امتنعت عن التصويت ولم تلجأ إلى الفيتو، وهو ما رأت فيه إشارة إلى تراجع فعلي في الدعم الروسي التقليدي للموقف الجزائري داخل أروقة الأمم المتحدة.
أما مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، فعبر في كلمته عن رفضه لما وصفه بالنص “الناقص وغير المتوازن”، لكنه اكتفى بالتصريح دون اتخاذ أي موقف تصويتي، ليعمّق بذلك غموض الموقف الجزائري أكثر.
في المقابل، مر القرار الأممي بسهولة نسبية، إذ صوّتت 11 دولة من أصل 15 لصالح النص الذي يؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الأساس الواقعي والوحيد للتفاوض، كما تم تمديد ولاية بعثة “المينورسو” لعام إضافي.
وامتنع عن التصويت كل من روسيا والصين ودولة ثالثة، في حين اختارت الجزائر الانسحاب الكامل، وهو السلوك الذي يتكرر للمرة الثانية على التوالي في هذا الملف، ما يعزز الشكوك حول وجود تغير خفي في موقفها الرسمي.
هذه التساؤلات القادمة من طهران لا تعبر فقط عن دهشة إيرانية من سلوك الجزائر، بل تعكس أيضا قلقا من إعادة رسم التحالفات الإقليمية بعد أن حسم مجلس الأمن وجهته بشكل واضح لصالح المقترح المغربي.
وفي الوقت الذي تلتزم فيه الجزائر الصمت، يبدو أن القرار الأممي الأخير وضعها في زاوية حرجة، بين واقع دولي يزداد اقتناعا بمغربية الصحراء، وتحالفات تاريخية لم تعد قادرة على حمايتها من ضغوط الدبلوماسية الحديثة التي يقودها المغرب بثقة وثبات.


