أحدث قانون العقوبات البديلة الذي أقرته المملكة المغربية في غشت 2024 نقلة نوعية في النظام القضائي المغربي. على الرغم من أن القانون لن يدخل حيز التنفيذ إلا في غشت 2025، فإن توجهاته تعد خطوة هامة نحو التخفيف من الاكتظاظ في السجون وتوفير بدائل عقابية تعزز من إعادة تأهيل المحكومين. وفي هذا السياق، نشر المجلس الأعلى للسلطة القضائية دليلا عمليا لتوضيح كيفية تطبيق هذه البدائل.
أربعة أنواع من البدائل العقابية
يتمحور قانون البدائل العقابية حول أربع عقوبات رئيسية غير حبسية: العمل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، فرض قيود على الحقوق أو إجراءات الإنعاش، والغرامة اليومية. هذه البدائل ستسهم في توفير فرص إعادة تأهيل السجناء دون الحاجة إلى احتجازهم في السجون، شريطة أن تكون الجريمة لا تتجاوز عقوبتها خمسة سنوات من السجن.
إقرأ أيضا: التامك: قانون العقوبات البديلة لن يخفض الاعتقال تلقائيا
تتضمن الشروط التي يجب أخذها في الاعتبار عند فرض أي من البدائل العقابية، بما في ذلك خطورة الجريمة، والظروف الشخصية والاجتماعية للمتهم، بالإضافة إلى مدى قدرته على إعادة التأهيل. كما يوضح القانون أن العقوبة البديلة قد يتم إلغاؤها إذا تم مخالفة بنود تنفيذ الحكم.
تفاصيل تطبيق العقوبات البديلة
العمل المنفعة العامة: يتم تنفيذ هذا النوع من العقوبات في مؤسسات عامة أو جمعيات ذات منفعة عامة أو أماكن العبادة. تتراوح ساعات العمل بين 40 ساعة كحد أدنى و3600 ساعة كحد أقصى، حيث يعادل كل يوم سجن ثلاث ساعات من العمل.
المراقبة الإلكترونية: تفرض المراقبة الإلكترونية على الشخص المحكوم عليه ليبقى في منطقة جغرافية معينة تحت إشراف السلطات القضائية، ويعتمد التنفيذ على نوع الجريمة وظروف الجاني.
الإجراءات العلاجية أو التأهيلية: تشمل تدابير مثل العلاج من الإدمان أو إلزام الجاني بتأدية علاج نفسي أو إعادة تأهيل اجتماعي.
الغرامة اليومية: تفرض غرامة يومية تتراوح بين 100 و2000 درهم يوميا، وتعتمد على نوع الجريمة وقدرة المدان المالية.
بعد إصدار الحكم، يتطلب الأمر إجراءات متابعة دقيقة لضمان تنفيذ البدائل العقابية. تتمثل هذه الإجراءات في التنسيق بين المحكمة، المدعي العام، مصلحة السجون، وأحيانا مع مؤسسات الرعاية الصحية إذا كانت تشمل العلاج أو التأهيل. في حالة عدم التزام المدان بهذه الأحكام، يتم الرجوع إلى تنفيذ العقوبة الأصلية.
تحديات وآفاق المستقبل
بينما يلقى هذا القانون استحسانا على مستوى الإصلاحات، فإن تنفيذه يتطلب تأهيل نظام العدالة المغربي لمواكبة هذه المستجدات. بالنظر إلى أهمية هذه البدائل في تخفيف الضغط على السجون، يبقى التساؤل حول مدى استعداد المؤسسات القضائية والسلطات التنفيذية لتحقيق الأهداف المعلنة لهذا القانون، بما يضمن في النهاية فعالية هذه البدائل في تحقيق العدالة وإعادة تأهيل الجناة.
إجمالا، يفتح قانون البدائل العقابية أفقا جديدا نحو إصلاح حقيقي في منظومة العدالة الجنائية، وهو تطور يعد بالكثير من الفوائد لكل من المتهمين والمجتمع المغربي بشكل عام.