لم يكن أحد من سكان حي البرنوصي يتوقع أن يتحول ركن من أركان الشارع إلى مسرح لج..ريمة تهز القلوب وتكشف الوجه القاسي للعيش في الهامش. مساء الثلاثاء الأخير، أسدلت الشرطة القضائية الستار على واحدة من أبش.ع الج..رائم التي شهدتها المنطقة، بعدما ألقت القبض على شاب مشرد لم يتجاوز عمره 21 سنة، متهم بق..تل سيدة متشردة عشرينية وطفلها الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره.
المتهم، الذي غادر مؤسسة خيرية بعد بلوغه سن الرشد، وجد نفسه في مواجهة مع واقع الشارع، لكن ما ارتكبه من فعل لا يبرره فقر ولا تشرد. فقد قرر، حسب المعطيات الأمنية، أن يستغل غياب خليل الضحية – الذي اعتاد التردد عليها – ليحاول إرغ.امها على معاشرته. رفضها القاطع دفعه إلى تنفيذ ج..ريمة بشعة لم ينج منها حتى الطفل الصغير.
الشرطة القضائية بالبرنوصي، وبتنسيق مع باقي الأجهزة الأمنية، باشرت تحريات دقيقة في أعقاب العثور على الج..ثتين، مستفيدة من تسجيلات كاميرات المراقبة التي وثقت آخر لحظات حياة الضحية، لتكشف أن آخر من غادر المكان كان المتهم نفسه.
حنكة المحققين لعبت دورا حاسما، عندما أثارت بقع د..ماء على قميص شاب متشرد شكوك دورية أمنية، ما دفعهم للتحقق من علاقته بالواقعة، رغم أنه كان في حالة غير طبيعية. الارتباك الذي أبداه أثناء استفساره، والتسجيلات المصورة، أسقطت كل أقنعته، ليتقرر وضعه تحت الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة.
التحقيقات الأولية بينت أن خليل الضحية كان في درب السلطان لاقتناء “السيلسيون”، قبل أن يتم اعتقاله في حملة أمنية هناك، مما فتح الباب أمام الجاني لارتكاب جريمته بدم بارد، بعد أن تيقن من غياب أي عائق يمنعه.
الوقائع المؤلمة لهذه الحادثة أعادت إلى الواجهة مأساة المشردين، وخصوصا النساء والأطفال، في شوارع البيضاء، حيث تختلط قسوة الحياة بانعدام الحماية، ويصير الصمت عنوانا دائما لأبشع المآسي.
ويبقى السؤال مفتوحا: إلى متى ستظل الأرواح تزهق في الزوايا المنسية من المدينة دون أن تتحرك مؤسسات الحماية الاجتماعية بما يكفي؟