في عرض موسع قدمه أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري، أمام المجلس الحكومي، تم تسليط الضوء على الوضع الفلاحي في المغرب قبل حلول شهر رمضان، في ظل التحديات التي يواجهها القطاع، لا سيما قلة الأمطار والجفاف المتواصل الذي يؤثر على الإنتاج الفلاحي. كشف الوزير عن ضعف التساقطات المطرية هذا العام مقارنة بالمعدل السنوي الذي امتد لـ30 سنة، حيث بلغ العجز في كمية المياه 53%، وهو ما يهدد بشكل جدي الموسم الفلاحي الحالي.
تأثير الجفاف على الإنتاج الزراعي
شهد الموسم الفلاحي لهذا العام بداية واعدة في شهري سبتمبر وأكتوبر، إلا أن انخفاض كميات الأمطار في الشهرين الأخيرين أدى إلى تدهور وضع الغطاء النباتي في معظم المناطق، باستثناء منطقة اللوكوس. وأكد الوزير أن الوضع المائي في السدود جد ضعيف، حيث سجلت السدود الرئيسية مخزونا لا يتجاوز 2% في منطقة دكالة، بينما سجلت مناطق أخرى كالحوز وسوس ماسة تراجعا كبيرا في المخزون.
وبالنسبة لحجم الواردات المائية من بداية سبتمبر إلى اليوم، فقد بلغ حوالي مليار و200 مليون متر مكعب، وهو أقل بكثير من المتوسط السنوي. وأشار الوزير إلى أن هذا الموسم هو الثالث على التوالي الذي يشهد تراجعا في مخزون السدود، مما يفرض تحديات كبيرة على القطاع الفلاحي.
التدابير الحكومية لمواجهة الوضع الفلاحي الكارثي في المغرب
في إطار الإجراءات الحكومية، أعلن وزير الفلاحة عن مجموعة من التدابير لدعم الفلاحين في هذا السياق الصعب، منها توفير بذور مختارة لنحو 1.3 مليون قنطار من الحبوب، ودعم الأعلاف المركبة والشعير، بالإضافة إلى دعم الفلاحين في زراعة البطاطا والطماطم والبصل. كما تم تخصيص 760 مليون متر مكعب من مياه السدود لقطاع الفلاحة، وهو ما يشكل فقط 26% من احتياجات القطاع.
أما بالنسبة للزراعات الخريفية، فقد سجلت المساحة المزروعة حوالي 2.6 مليون هكتار من الحبوب، وهو ما يمثل 55% من الهدف المحدد، بينما بلغت المساحة المخصصة للخضروات الخريفية 97 ألف هكتار، بزيادة 16% مقارنة بالموسم الفارط.
تحديات الإنتاج الحيواني
وفيما يتعلق بالإنتاج الحيواني، أكد وزير الفلاحة أن الجفاف أثر بشكل كبير على الثروة الحيوانية، حيث شهدت المملكة تراجعا بنسبة 38% في أعداد القطعان مقارنة بعام 2016. هذا التراجع كان له تأثير مباشر على إنتاج اللحوم، حيث تم تقليص عدد الذبائح من 230 ألف رأس إلى حوالي 130 إلى 150 ألف رأس فقط.
استجابة لهذه الأزمة، اعتمدت الحكومة تدابير لتخفيف النقص في اللحوم، منها تعليق الرسوم على استيراد الأبقار والأغنام واللحوم الحمراء، مما ساهم في استيراد حوالي 21,800 رأس من الأبقار و124 ألف رأس من الأغنام خلال الأشهر الأخيرة. كما تم استيراد حوالي 704 طن من اللحوم الحمراء، مما ساعد على خلق توازن نسبي في الأسواق المحلية.
دعم الفلاحين والقطاع الحيواني
لتعزيز القطاع الحيواني في ظل هذه الظروف الصعبة، تعمل الحكومة على توفير 15 إلى 18 مليون قنطار من الأعلاف للمربين، مع تقديم الدعم التقني لتحسين الإنتاجية في تربية الأغنام والماعز والابقار. كما يتم تخصيص برامج خاصة للشباب القروي لدعم مشاريع الإنتاج الحيواني في المناطق الهشة، إضافة إلى استثمارات في محطات تحلية المياه لتوفير إمدادات مياه الشرب، في محاولة لضمان استدامة القطاع الفلاحي في المستقبل.
يشهد قطاع الفلاحة في المغرب تحديات كبيرة هذا العام، مع استمرار أزمة الجفاف وتأثيرها على الإنتاج الزراعي والحيواني. ومع ذلك، تواصل الحكومة اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة هذه الأزمة، بما في ذلك دعم الفلاحين، استيراد اللحوم، وتعزيز بنية المياه. يبقى الأمل معقودا على تحسن الأمطار في الأشهر القادمة، خصوصا في الفترة التي تسبق رمضان، لضمان توفر المنتجات الفلاحية والحيوانية في الأسواق المغربية.