واصل المغرب تثبيت خطواته في مجال التحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، بعد أن حل في المركز الثاني إفريقيا والثالث عربيا ضمن مؤشر “الجاهزية للتقنيات المتطورة” لسنة 2024، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية المعروفة اختصارا بـ”الأونكتاد”، مسجلا بذلك الرتبة 67 عالميا بتنقيط إجمالي بلغ 0.56.
ويقيس هذا المؤشر مدى استعداد الدول لتبني 17 تقنية متطورة تشمل الذكاء الاصطناعي، الروبوتيك، شبكة الجيل الخامس، وغيرها، بناء على خمسة مؤشرات فرعية: البحث والتطوير، التمويل، المهارات، انتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصال، والنشاط الصناعي.
ووفقا لتفاصيل التقرير، جاءت أقوى مؤشرات المغرب في الولوج إلى التمويل (الرتبة 33 عالميا)، والنشاط الصناعي (المركز 58)، فيما تراجع أداؤه على مستوى المهارات (المركز 111)، ونشر تكنولوجيا المعلومات والاتصال (المركز 88).
المشهد الإفريقي والعربي.. المغرب بين الكبار
إفريقيا، تصدرت جنوب إفريقيا الترتيب بعد حصولها على المرتبة 52 عالميا بتنقيط 0.65، تلاها المغرب في المركز الثاني، ثم موريشيوس وتونس بنفس التنقيط 0.53.
أما عربيا، فجاءت الإمارات في الصدارة محتلة المرتبة 35 عالميا (0.74 نقطة)، تلتها السعودية في المرتبة 50 (0.67 نقطة)، بينما حافظ المغرب على موقعه كثالث دولة عربية جاهزة للتكنولوجيا والجاهزية للتقنيات المتطورة، متفوقا على دول عربية كبرى.
وسجل التقرير أيضا نموا لافتا في عدد المطورين المعلوماتيين المغاربة، الذين بلغ عددهم 35 ألف سنة 2023، في مؤشر على الحيوية الرقمية التي يشهدها البلد، مدعوما بشبكات الكابلات البحرية التي تربطه بأوروبا والتي تعتبر بنية تحتية استراتيجية لتدفق البيانات.
وقد صنفت “الأونكتاد” المغرب إلى جانب دول مثل الهند ومولدوفا كبلدان نامية نجحت بين 2022 و2024 في تحسين رأسمالها البشري، خاصة من حيث ارتفاع سنوات التمدرس ونسبة اليد العاملة المؤهلة داخل القوة النشيطة.
يرى خبراء في التحول الرقمي أن موقع المغرب في هذا المؤشر يعكس “إرادة سياسية وقطاعية” لتعزيز الاستعداد التكنولوجي، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن نقاط ضعف بنيوية، خاصة في ما يتعلق بالتكوين الرقمي وتعميم المعرفة التكنولوجية.
ويؤكد متخصصون أن المغرب أمامه فرصة تاريخية لقيادة الانتقال الرقمي في شمال إفريقيا، شريطة استثمار هذا الزخم في دعم الابتكار المحلي، وإصلاح التعليم، وربط البحث العلمي باحتياجات السوق. وفي ظل تصاعد وتيرة الذكاء الاصطناعي، فإن الدول التي تتأخر اليوم ستدفع ثمنا باهظا في المستقبل.