تشكل علبة السردين أكثر من مجرد منتج غذائي عادي، فهي تمثل حلقة متكاملة في سلسلة اقتصادية حيوية، بالإضافة إلى كونها تراثا صناعيا يضم عشرات الآلاف من الأسر المغربية. هذا ما حذر منه المهدي الدهلومال، رئيس الاتحاد المهني للمصدرين المغاربة (UNICOP)، مشددا على ضرورة تفادي زوال هذا الركيزة الاستراتيجية بشكل صامت يهدد الاقتصاد الوطني.
تشير الأرقام الصادرة عن المكتب الوطني للصيد البحري إلى تراجع حاد في كمية السردين المصطادة،.. حيث انخفضت من 965 ألف طن سنة 2022 إلى 525 ألف طن فقط في 2024،.. أي ما يقارب 46% في غضون عامين فقط. هذا الانخفاض الكبير يعكس أزمة حقيقية تمر بها السلسلة الكاملة للمنتوج من الصيد إلى التصنيع.
لا يقتصر تأثير الأزمة على الاقتصاد فقط، بل يمتد بشكل مباشر إلى الجانب الاجتماعي. فصناعة التعليب تعد القطاع الأكثر توظيفا في الصناعات البحرية،.. حيث توفر أكثر من 35 ألف فرصة عمل مباشرة و120 ألف وظيفة غير مباشرة. لكن تقلص المواد الأولية المتاحة أدى إلى تقليص نشاط المصانع بنسبة 50%،.. مما تسبب في فقدان ساعات العمل، وتعليق بعض الأنشطة مؤقتا، مع خطر إغلاق بعض المنشآت نهائيا.
من موقعها كجهة تمثل مصالح القطاع،.. يطالب الاتحاد المهني للمصدرين بحشد جهود متضافرة حول ثلاث أولويات عاجلة. الأول يكمن في حماية المخزون السمكي عبر تنظيم صارم للاستعمالات الصناعية للسردين،.. منها منع تصدير الكميات الصالحة للتصنيع، حظر استخدام السردين الكامل في صناعة دقيق السمك،.. تقييد تصدير الأسماك المجمدة، ومنع تجميد السردين المجمع لتغذية الحيوانات.
أما الأولوية الثانية فهي صون فرص الشغل الصناعي من خلال دعم النشاط الاقتصادي وتحسين توزيع المواد الأولية لصناعة التعليب بعد تلبية حاجيات السوق المحلي الطازج. وأخيرا، تؤكد المنظمة ضرورة إعادة التوازن للجهاز الإنتاجي عبر فرض توقف مؤقت على إضافة قدرات تحويل جديدة للسردين في جميع المراحل،.. إلى حين تحسن ملحوظ في الموارد السمكية.