كشفت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، خلال لقاء تلفزيوني مع بلومبرغ (برنامج The Pulse مع فرانسين لاكوا)، ملامح استراتيجية المغرب الطموحة لمستقبل الطاقة، وذلك على هامش مشاركتها في القمة الدولية للأمن الطاقي التي نظمتها الوكالة الدولية للطاقة بلندن.
ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي والاقتصادي بعد أيام قليلة من إعلان المغرب عن طلب إبداء اهتمام موجه للمستثمرين المحليين والدوليين، قصد تطوير المرحلة الأولى من البنية التحتية للغاز الطبيعي، ضمن خارطة الطريق المحدثة للفترة 2024-2030.
على المدى القريب، تحدد الأهداف الرئيسية لهذه الخطة بآفاق 2027، انطلاق الإنتاج من حقل تندرارة لتوليد الكهرباء، وإنشاء محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال بميناء الناظور غرب المتوسط، مع توسيع شبكة أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي نحو تندرارة والناظور ثم المحمدية، وهي مشروعات تتناغم مع خطة استثمارية جديدة للمكتب الوطني للكهرباء والماء، للفترة 2025-2030، ترمي إلى إضافة قدرة إنتاجية بـ1400 ميغاواط بالغاز الطبيعي.
هذا التوجه نحو الغاز لا يخلو من دلالات بيئية واستراتيجية، إذ أوضحت بنعلي أن الغاز الطبيعي يعد أنظف من الفحم والفيول، ويشكل طاقة انتقالية مثالية لدمج الطاقات المتجددة قيد البحث والتطوير، في أفق الاستفادة من الدينامية التي يقودها المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر.
استثمارات بـ 12 مليار دولار لتحقيق قفزة نوعية في الطاقات الخضراء بالمغرب
وفي حديثها عن السياسات الكبرى، أكدت الوزيرة أن المغرب، منذ 2009، ينهج مقاربة ترتكز على ثلاث ركائز: الطاقات المتجددة، والنجاعة الطاقية، والتكامل الإقليمي. كما لفتت إلى أن المملكة سترفع نسبة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي إلى 52% بحلول 2026، بدلا من 42% حاليا، متقدمة بأربع سنوات عن الهدف الأصلي المحدد لسنة 2030.
استثمارات المغرب في الطاقات الخضراء ستشهد بدورها تسارعا قويا، حيث تستهدف البلاد إضافة 15 جيغاواط من القدرات الجديدة، بدعم مالي قدره 12 مليار دولار بحلول 2030.
وفي لحظة استحضار لمحطات حاسمة، ذكرت بنعلي بحضورها مؤتمر غلاسكو سنة 2021، مشيرة إلى أنها كانت أول من دعا آنذاك إلى ربط تطوير الطاقات المتجددة بضرورة توفير الغاز كطاقة موازنة، وهو ما تجسد بتوقيع عقد توريد غاز لمدة عشر سنوات، وتأمين عكس تدفق الغاز عبر الأنبوب الرابط مع إسبانيا.
أما على صعيد المشاريع الهيكلية، فقد أفصحت بنعلي عن تفاصيل رهان المغرب على تطوير بنيته التحتية الغازية باستثمارات تقدر بـ6 مليارات دولار، مع ربطها لاحقا بمشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي الإفريقي، بتكلفة مبدئية تصل إلى 25 مليار دولار، للربط بين المغرب وموريتانيا والسنغال ابتداء من 2029.
كما أكدت أن محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال بالناظور غرب المتوسط ستكون جاهزة قبل نهاية 2027، عبر وحدة تخزين عائمة مع أنظمة إعادة تغويز مرتبطة بشبكة الأنابيب. في المقابل، يجري التخطيط لإنشاء محطة برية ثانية، على الأرجح في المحمدية، أو ربما في ميناء ثالث قيد الدراسة، ضمن رؤية مرنة لضمان الأمن الطاقي.
وفي حديثها عن المستقبل، أوضحت بنعلي أن سنة 2025 ستكون محطة مفصلية، مع خطط رباعية لمضاعفة الاستثمارات السنوية في الطاقات المتجددة خمس مرات مقارنة بالسنوات السابقة.
ولا يمكن تجاهل الدينامية المتسارعة للبنية التحتية الخضراء في المغرب، مع مشاريع ضخمة أبرزها برنامج مزيندة-مسكالة التابع لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، ومشروع “Xlinks” الطموح لربط المغرب بالمملكة المتحدة، بالإضافة إلى خط الربط الكهربائي الناظور-مرسيليا، ومشاريع تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة، إلى جانب مبادرات تطوير الهيدروجين الأخضر التي تتقدم بثبات.